🎙️
“ما الذي جعلنا نحن، البشر المعاصرين، مختلفين عن كل الكائنات الأخرى التي سارت على هذا الكوكب؟
“في هذه الحلقة من “سطرين وأكثر”، سنعود إلى جذور وجودنا، إلى تلك الأساسيات التي صنعت الفرق بيننا وبين البشر الآخرين الذين شاركونا الأرض في حقب مختلفة. وماهي المميزات التي منحتنا التفوق والبقاء و جعلتنا نحن البشر على ما نحن عليه اليوم!
في كتاب “العاقل: يتم استعراض بعض العوامل التي ميزت البشر عن باقي الكائنات الحية ، والتي يمكن تلخيصها في أربعة عناصر أساسية: حجم العقل، الوقوف منتصبًا، النار، والطبخ.
اول هذه الاساسيات الوقوف منتصبا ان هذه الميزة البسيطة ظاهريًا، غيرت مستقبلنا بطرق لم تكن متوقعة:
حيث ساعدت في الرؤية لمسافات أبعد، مما جعلنا صيادين أكثر كفاءة. وسهلت علينا القاء نظرة ماسحة على السافانا مكنتنا من رؤية الطرائد و كذلك رؤية الاعداء القادمين و ساهمت في تطور هيكل أجسادنا، مما جعلنا قادرين على السفر لمسافات طويلة بحثًا عن الغذاء والماء.
ايضا الوقوف منتصبا حرر أيدينا لاستخدام الأدوات، مما سمح لنا بتطوير الأسلحة و الأدوات الحادة وحتى الفن.
فعندما لم تعد اليدان ضروريتين للتنقل قامت اليدان الحرتان باغراض اخرى كرمي الحجارة و استخدام الاشارة فتطورت الاعصاب و العضلات الدقيقة في راحة اليدين و الاصابع و تمكن البشر نتيجة لذلك من القيام بمهام معقدة بواسطة ايديهم و كان اول دليل تم تاريخه عن انتاج الادوات قبل اثنين و نصف مليون سنة ، و صنع الادوات و استخدامها هي الميزة التي يميز بها علماء الاثار البشر الغابرين
لكن الوقوف المنتصب كان له أيضًا تحدياته، حيث ان الهيكل العظمي تطور لاسلافنا من الرئيسيات لملايين الاعوام ليدعم كائنا يمشي على اربع و له راس صغير نسبيا و كان التحول الى الانتصاب تحديا حقيقيا اذ بات على العمود الفقري ان يدعم جمجمة ذات حجم كبير جدا و بالتالي دفع الانسان ثمن العيون المتطورة و الايدي الصانعة تصلب العنق و الام الظهر وزيادة خطرالاصابات فيه
و دفعت النساء ثمنا اكبر حيث تطلبت المشية المنتصبة وركين ضيقين مما ادى الى تقلص قناة الولادة ، وحدث ذلك بينما كانت رؤوس المواليد تتطور لتصبح اكبر حجما حتى اصبح الموت اثناء الولادة خطرا رئيسيا عند اناث البشر ، فنجحت النمساء اللواتي ولدن مبكرا عندما كان دماغ المولود و رأسه مايزالان صغيرين و مرنين نسبيا ، و عشن لانجاب المزيد من الاطفال و هكذا فضل الانتخاب الطبيعي الولادات المبكرة ، و في الحقيقة البشر يولدون سابقين لاوانهم مقارنة بالحيوانات الاخرى و تكون معظم اجهزتهم الحيوية غير مكتملة النمو و يعتمدون سنين عديدة على الكبار لاعالتهم و حمايتهم و تعليمهم و اسهمت هذه الحقيقة كثيرا في القدرات الاجتماعية للنوع البشري فتربية انسان تحتاج الى قبيلة و لذا فضل التطور اولئك الذين بمقدرتهم تكوين روابط اجتماعية قوية
و قبل ان ننتقل الى النقطة الاساسية التالية سنعطي تعريف و مثال بسيط عن الانتخاب الطبيعي
الانتخاب الطبيعي هو عملية تطورية تفسر كيف تتغير الكائنات الحية بمرور الزمن. تقوم هذه العملية على بقاء و تكاثر الكائنات الأكثر تكيفًا مع بيئتها ا، بينما تقل فرص بقاء الكائنات الأقل تكيفًا.
و يحدث ذلك عندما تولد الكائنات الحية بصفات متنوعة (بسبب الطفرات الجينية).
فتكون بعض هذه الصفات تمنح ميزة للبقاء والتكاثر (مثل السرعة و التمويه أو مقاومة الأمراض).
فتعيش الكائنات التي تمتلك هذه الصفات لفترة أطول وتنجب أكثر، مما ساعد في نقل الصفات المفيدة إلى الأجيال القادمة.
ومع مرور الزمن، تصبح هذه الصفات شائعة في المجموعة، مما يؤدي إلى تطور الأنواع.
📌 مثال بسيط:
في بيئة مليئة بالمفترسات، الغزلان السريعة تهرب بسهولة و بالتالي ستتكاثر أكثر، بينما الغزلان البطيئة تُفترس بسرعة. مع الوقت، يصبح الجيل القادم أسرع، لأن السرعة كانت ميزة ساعدت في البقاء.
✨ ببساطة، الانتخاب الطبيعي هو قانون “البقاء للأصلح”، حيث تتطور الكائنات الحية استجابةً لبيئتها باستمرار. 🚀
و ننتقل الى الميزة الاساسية الثانية و هي حجم العقل:
يتميز الإنسان العاقل بحجم دماغ أكبر مقارنة بمعظم الكائنات الحية، بما في ذلك الأنواع البشرية الأخرى التي عاشت قبله. باستثناء النياندرتال و من زاوية متطرفة يرى الكاتب ان الذكاء العالي لو كان مرتبطا بحجم الدماغ فقط لكانت عائلة السنوريات انتجت قططا قادرة على فهم حساب التكامل و لقد كان الدماغ الكبيرعبئًا بيولوجيًا؛ إذ يستهلك كمية هائلة من الطاقة، مما فرض على أسلافنا تطوير طرق أكثر ذكاءً للحصول على الغذاء، و ضمرت عضلاتهم حيث حول البشر الطاقة من العضلات الى الخلايا العصبية .و يتساءل اذن مالذي حفز تطور دماغ البشر الضخم خلال المليوني سنة هذا الدماغ الذي
• منحنا التفكير المجرد،
• ساعدنا على التواصل بلغة معقدة،
• جعلنا مفكرين استراتيجيين،
و يجيب بصراحة انه لا احد الى الان يعرف كيف حدث ذلك بالضبط
3. ثالث الاساسيات في العوامل التي ميزت البشر عن باقي الكائنات الحيه و كانت احد الخطوات المهمة في الطريق الى القمة هي ترويض النار وهذه كانت بداية السيطرة على الطبيعة
و يقال ان استخدام النارعرضيا قد يكون بدا قبل ثمان مئة الف سنة اما قبل ثلاثمئة الف سنة فكان كل من الانسان المنتصب و النياندرتال و اجداد الانسان العاقل يستخدمون النار بشكل يومي لم تكن مجرد وسيلة للدفء أو الحماية من الحيوانات، بل كانوا قادرين على استغلا ل النار في عدد كبير من المهام و الاهم من ذلك ان اشعال النار لم يكن يتطلب اي قوة بدنية فاي انسان يستطيع احراق غابة باكملها في غضون ساعات ، فقد كان رواد العصر الحجري يستطيعون التجول عبر البقايا المدخنة و جني الحيوانات و المكسرات و النباتات المتفحمة
رابع ميزة تميز بها الانسان اختصار الطريق إلى طاقة الدماغ عن طريق الطبخ
قبل اكتشاف النار، كان الإنسان يقضي ساعات طويلة في مضغ الطعام النيء، مثلما تفعل بعض الحيوانات حتى اليوم. لكن مع الطبخ، تغيرت القواعد تمامًا: و كان الطبخ هو افضل ماقدمته النار للبشرية
• أصبح الطعام أسهل في الهضم، مما وفر طاقة كان يمكن أن تُستهلك في المضغ والهضم. حيث يرى بعض العلماء ان هناك علاقة مباشرة بين ظهور الطبخ و تقلص المسار المعوي للانسان من جهة و بين نمو الدماغ البشري من جهة اخرى فقد كان جهاز الامعاء الطويلة و الدماغ الكبير كليهما يستهلك طاقة و هائلة كان من الصعب الاحتفاظ بهما معا و بذلك فتح الطبخ المجال بشكل غير مقصود لنمو الادمغة الضخمة في النياندرتال و العاقل و ساهم في تطوير الدماغ باستهلاك سعرات حرارية أكثر في التفكير بدلًا من الهضم.
و مكن البشر من تنويع مصادر الغذاء كالقمح و الارز و البطاطا التي لم تكن تهضم ، وايضا ساهمت النار في قتل الجراثيم و الطفيليات المنشرة في الطعام مما جعلهم يتمتعون بصحة افضل و عمر اطول
اخيرا
العالم.
اليوم، نحن نعيش في عالم متطور يعتمد على التكنولوجيا والعلوم، لكن جذور تفوقنا لا تزال تعود إلى تلك الأسس القديمة. فما كنا لنصبح ما نحن عليه اليوم لولا القدرة على المشي بقامة منتصبة و لولا حجم ادمغتنا و ترويضنا للنار وطبخ طعامنا
في الحلقة القادمة سنتحدث اكثر عن النظريات العلمية حول اسباب اختفاء البشر الاخرون
تعليقات
إرسال تعليق