“هل تساءلت يومًا كيف أصبح البشر القوة المهيمنة على هذا الكوكب؟ كيف انتقلنا من كائنات غير مؤثرة إلى مخلوقات قادرة على تغيير مصير الأرض؟ في كتاب ‘العاقل: تاريخ مختصر للنوع البشري’, يأخذنا يوفال نوح في رحلة ممتدة عبر الزمن، من بدايات الإنسان الأول إلى العصر الحديث، ليكشف لنا كيف شكلت الأفكار واللغة والثقافة والتكنولوجيا عالمنا كما نعرفه اليوم.
في هذه السلسلة من بودكاست سطرين و اكثر ، سأشارك معكم أهم الأفكار المثيرة في الكتاب، وسنناقش معًا كيف تطور الإنسان، وكيف غيرت الثورات الكبرى—من الإدراكية إلى العلمية—حياتنا إلى الأبد.
“بداية يروي الكاتب قبل حوالي 14 مليار سنة خرجت المادة والطاقة والزمان والمكان إلى حيز الوجود فيما يعرف بالانفجار العظيم. وتسمى قصة هذه الملامح الأساسية للكون بالفيزياء.
بعد ظهور الكون بـ 300 ألف سنة، بدأت المادة والطاقة بالالتحام كذرات، ثم اتحدت لاحقاً مكونة الجزيئات. وتسمى قصة الذرات والجزيئات والتفاعلات فيما بينها بالكيمياء.
اما قبل 4 مليارات سنة، اندمجت جزيئات معينة على كوكب يدعى الأرض لتشكل بنى كبيرة ومعقدة تسمى المتعضيات،وتسمى قصة المتعضيات بعلم البيولوجيا.
و المقصود بكلمة “المتعضيات” هي الكائنات الحية أو الكائنات الحية التي تتكون من خلايا وتقوم بأنشطة الحياة مثل النمو والتكاثر والتنفس. غالبًا ما يستخدم هذا المصطلح في سياق البيولوجيا للإشارة إلى الكائنات الحية بشكل عام، مثل النباتات والحيوانات والكائنات الدقيقة.
قبل حوالي 70 ألف سنة، بدأت متعضيات تنتمي إلى نوع الإنسان العاقل في تشكيل بنى أكثر دقة و تفصيل ، وتسمى هذه القصة بالثقافات. ويسمى النمو اللاحق لهذه الثقافات البشرية بالتاريخ.
شكلت ثلاث ثورات مهمة مسار التاريخ: أولاً الثورة الذهنية التي بدأت قبل حوالي 70 ألف سنة، ثم الثورة الزراعية قبل حوالي 12 ألف سنة، وأخيراً الثورة العلمية التي ظهرت قبل 500 سنة فقط، والتي قد تنتهي لتبدأ شيئًا مختلفًا تمامًا. و يسرد كتاب “العاقل” قصة تأثير هذه الثورات الثلاث على البشر والمتعضيات المرتبطة بهم.
“لطالما فضل الإنسان العاقل أن يعتبر نفسه منفصلاً عن الحيوانات، لأنه خلال العشرة آلاف سنة الماضية كان نوعنا النوع البشري الوحيد الذي تبقى، لكن هذا ليس صحيحاً. كان لدينا أيضاً عدد غير قليل من الإخوة والأخوات وأبناء العمومة و لم نكن البشر الوحيدين على الأرض. وسواء قبلنا أو رفضنا، فنحن أعضاء فصيلة كبيرة تتميز بصخبها تدعى النسانون الكبار، وتشكل الشمبانزي والغوريلات و الاورانجوتانات أقرب أقاربنا الأحياء، وتعتبر الشمبانزي هي الأقرب إلينا.”
تطور البشر لأول مرة في شرق إفريقيا قبل حوالي 2 مليون سنة من جنس أقدم من الإنسان يسمى النسان الجنوبي. وقد ترك هؤلاء الرجال والنساء الغابرين موطنهم ورحلوا إلى المناطق الشاسعة في شمال إفريقيا وأوروبا وآسيا واستوطنوها. ولأن البقاء في الغابات الثلجية بشمال أوروبا تطلب سمات تختلف عن تلك المطلوبة للبقاء في أدغال إندونيسيا الحارة، فإن المجموعات البشرية تطورت في بأشكال مختلفة، وكانت النتيجة عددًا من الأنواع البشرية المختلفة .
تطور البشر في أوروبا وغرب آسيا إلى نوع إنسان نياندرتال . وهذا النوع أضخم منا نحن العقلاء وله عضلات أكبر مما لدينا وتكيف جيدًا مع مناخ العصر الجليدي البارد في أوراسيا الغربية.
وتطور نوع بشر آخر اسمه الإنسان المنتصب الذي استوطن أكثر المناطق في شرق آسيا وتمكن من البقاء هناك لمدة تقارب 2 مليون سنة مما يجعله أكثر الأنواع البشرية تعميرًا على الإطلاق.
أما إنسان سولو فقد عاش في جزيرة جاوة في إندونيسيا وتكيف مع الحياة في المناطق الاستوائية.
وعلى جزيرة إندونيسية صغيرة تدعى فلورس تعرض البشر الغابرون لعملية تقزم وصل البشر إلى هذه الجزيرة عندما كان مستوى البحر منخفضًا بدرجة استثنائية حيث تمكنوا من الوصول إليها بسهولة عن طريق السهول البرية. وعندما ارتفع البحر مرة أخرى، علق بعض البشر على الجزيرة التي كانت شحيحة الموارد ثم مات الأشخاص الأكبر حجمًا الذين احتاجوا إلى الكثير من الطعام، بينما استطاع الأصغر حجمًا البقاء بشكل أفضل.
. وهناك أيضًا إنسان دينيسوفا الذي وجد في كهف دينيسوفا في سيبيريا وتم اكتشافه
وبينما كان هؤلاء البشر يتطورون في أوروبا وآسيا، لم يتوقف التطور في شرق إفريقيا، استمرت البشرية في إنشاء أنواع جديدة كثيرة مثل إنسان رودولف أو الإنسان من بحيرة رودولف، والإنسان العامل، وأخيرًا نوعنا الذي أسميناه دون تواضع منا بالإنسان العاقل.
كان بعض هذه الأنواع ضخامًا وبعضهم أقزامًا، وبعضهم صيادين مهيبين وآخرون جامعين ثمار وديعين. وعاش بعضهم على جزيرة واحدة، بينما تجول كثير منهم عبر القارات، لكنهم ينتمون جميعًا إلى جنس الإنسان وكانوا جميعهم بشرًا.
يقول الكاتب إن هناك مغالطة شائعة لتصوير هذه الأنواع على أنها مرتبة في خط نسب واحد، يكون فيه الإنسان العامل سلفًا للإنسان المنتصب، والإنسان المنتصب سلفًا للنياندرتال، والنياندرتال متطورًا ليكون نحن.حيث يعطي هذا النموذج الخطي الانطباع الخاطئ بأنه في لحظة ما عاش على الأرض صنف بشري واحد، وأن جميع الأنواع السابقة كانت مجرد نسخ قديمة لنا. والحقيقة هي أنه منذ 2 مليون سنة حتى عشرة آلاف سنة خلت، كان العالم موطنًا لعدة أنواع بشرية في وقت واحد. وفي يوم ما، عاش في الأرض ستة أنواع من الإنسان على الأقل.
و يرى الكاتب انه من العجيب أو ربما محل الشبهة هو تفردنا الحالي وانقراض أشباهنا من البشر وليس ماضينا متعدد الانواع . وسواء كان العقلاء هم الملامين بانقراض اشباههم أم لا، فإنه كان لا يمضي سوى وقت قصير من وصولهم إلى وجهة جديدة حتى تنقرض المجموعات المحلية هناك.حيث تعود البقايا الأخيرة لإنسان سولو إلى خمسين ألف سنة تقريبًا، واختفى إنسان دينيسوفا بعد ذلك بفترة وجيزة، وانقرض النياندرتال قبل ثلاثين ألف سنة تقريبًا. أما الإنسان شبيه الأقزام فقد اختفى من جزيرة فلوريس قبل 12 ألف سنة تقريبًا.
ترك الجميع وراءهم بعض العظام، وأدوات حجرية، وقليلًا من الجينات في جينومنا، وكثيرًا من الأسئلة دون إجابة. وتركوا وراءهم أيضًا نحن، الإنسان العاقل، آخر أنواع البشر.
ماذا كان سر نجاح العقلاء؟ كيف دبرنا أمور استيطاننا السريع في كثير من المواطن المتباعدة والمتباينة بيئيًا؟ كيف دفعنا بكل الأنواع البشرية الأخرى إلى النسيان؟ ولماذا لم يتمكن حتى النياندرتال، وهو الأقوى والأذكى والمقاوم للبرد، من النجاة أمامنا؟
إذا كنت تحب استكشاف التاريخ من منظور مختلف، فأنت في المكان المناسب! استعدوا لرحلة مشوقة في أعماق الماضي لفهم الحاضر ورؤية المستقبل في السلسلة القادمة من كتاب العاقل
.

تعليقات
إرسال تعليق