تُعتبر المجتمعات الضخمة التي تؤسسها بعض الأنواع الأخرى كالنمل والنحل مجتمعات مستقرة وقادرة على التكيّف، لأن معظم المعلومات التي تحتاجها لاستمرار بقائها مشفّرة في جينومها. فيمكن - على سبيل المثال - أن تنمو يرقة نحلة عسل لتكون إما ملكة أو شغالة، ويتوقف ذلك على نوعية الطعام الذي تتغذى عليه. ويبرمج جينومها السلوكيات الضرورية لكلا الدورين. يمكن اعتبار خلايا النحل بناءً اجتماعيًا معقدًا، بما تحويه من عدة أنواع من الشغالات، كالجامعات، والحاضنات، والمنظفات. غير أنه، ولحد الآن، لم يُفلح الباحثون في تحديد نحلة “محامية”، فالنحل لا يحتاج إلى محامين، لأنه لا يوجد خطر يتمثل في محاولة مخالفة دستور الخلية على عكس البشر حيث قام البشر بانشاء القانون و التعليم و التربية و التلقين ، ذلك لأن النظام الاجتماعي للبشر هو نظام متخيّل و لا يتم حفظ المعلومات الضرورية لهذا النظام في جينوماتهم و لا يمكنهم نسخها وتمريرها إلى ذريتهم، بل عليهم أن يبذلوا جهدًا واعيًا للحفاظ على القوانين والعادات والإجراءات والأخلاق، وإلا سينهار النظام الاجتماعي سريعًا. أعلن الملك حمورابي مثلًا ...
⸻ المقدمة: مرحبًا بكم في حلقة جديدة من بودكاست “سطرين و أكثر”، استعرضنا معكم في الحلقة السابقة كيف أن المجتمعات المختلفة بنت أنظمة تراتبية متخيلة، مثل الطبقية في الهند، والعنصرية في أمريكا، والدينية في الدولة العثمانية. لكن اليوم سنتحث عن ماعرضه الكتاب عن اهم تراتبية في التاريخ البشري و التي كانت موجودة في كل المجتمعات تقريبًا و هي تراتبية نوع الجنس الرجل و المراه في جميع المجتمعات البشرية المعروفة قسم الناس أنفسهم في كل مكان إلى رجال ونساء وحصل الرجال في كل مكان تقريبا على الصفقة الأفضل على الأقل منذ الثورة الزراعية و لم تُعامل النساء كأفراد مستقلين، بل كممتلكات للرجال الذين تربطهم معها صلة قرابة وحتى القوانين كانت ترى اغتصاب امرأة يعني اعتداء على “ملكية الرجل”، وليس على المرأة نفسها.و في كثير من الحالات، إذا اغتصب رجل امرأة، كان يُجبر فقط على دفع مهرها و الزواج بها حتى وقت قريب، في دول كثيرة لم يكن يُعترف باغتصاب الزوج لزوجته كجريمة. وهذا يعكس كيف أن الثقافة كانت تُشرعن سلوكًا غير عادل عبر قرون طويلة. فإن فكرة أن الزوج يمكن أن يغتصب زوجته تشكل...